فحديثنا اليوم عن صفحة من أعظم صفحات التاريخ الذي عرفته البشرية! نرى من خلالها سيرة إمام عادل، ومجدد مصلح! نرى النزاهة والورع، والعدل والإنصاف تتمثل في رجل يمشي على الأرض! نرى الإصلاح ومكافحة الفساد واقعا منظورا لا كلاما مسطوراً!.
حديثنا عن أمير المؤمنين، عمرَ بنِ عبد العزيز -رحمه الله-.
نشأ عمرُ بن عبد العزيز في بيت المُلكِ والخلافة، فقد كان أبوه عبدُ العزيز بنُ مَروان أميراً على مصر، أكثر من عشرين سنة.
فعمر بن عبد العزيز هو ابن القصور، وسليل الأمراء، الذي ارتضع النعيم والرفاهية منذ الصِّغَر، فالصعب له مذلل، والبعيد منه قريب، لا يتمنى شيئاً إلا ناله، ولا يخطر على باله شيءٌ إلا أدركه.
ولما توفي أبوه، ورث عمرُ مالا كثيراً، وانتقلَ إلى قصر عمه عبدِ الملك بنِ مروان؛ خليفة المسلمين،
فعاش في كنفه، وزوَّجه الخليفةُ ابنتَه فاطمة، وشيد لها قصرا منيفا، وأهداها الجواهر النفيسة والحلي.
وكان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- في شبابه من أعطر الناس، وأحسنهم لباساً، وأخْيَلِهِم مشيةً، وكان يبالغ في الزينة والطيب والرفاهية والنعيم والتوسع في المباحات؛ روى هارونُ بن صالح عن أبيه قال: "كنا نعطي الغسَّال -الذي يغسل الثياب- الدراهمَ الكثيرة، حتى يغسل ثيابنا بعد ثياب عمر بن عبد العزيز، من كثرة ما فيها من الطيب والمسك".
هكذا كانت نشأة عمرَ بنِ عبد العزيز -رحمه الله-، وهكذا كانت حياته، حتى وقعت تلك الحادثة التي قلبت كيانه، وغيرت مجرى حياته.
لا تظنوا أن عمر بن عبد العزيز، تغير إلى الزهد والورع؛ لأنه افتقر وضاع ماله، فأصبح مضطراً إلى الزهد والتقشف.
لا تظنوا أنه تغير؛ لأنه مرِضَ، وشعر بالضعف والافتقار إلى الله فتغير حينئذٍ، أو أنه كبُر سنُّه وجاوز الخمسين أو الستين، فشعر بدنو الأجل، وأخذ يستدرك عمره ويعمل لآخرته.
لم يكن شيء من ذلك هو الذي غيَّر عمرَ بنَ عبد العزيز.
لقد تغير عمرُ بن عبد العزيز، يوم أن استخلفه سليمانُ بن عبد الملك، فصار عمرُ خليفةً للمسلمين، يحكم دولةً عظمى؛ تمتد من أطراف الصين إلى الأندلس، تغطي مساحة خمس وعشرين دولةً في زماننا هذا، وهو يومئذٍ؛ ابن سبعٍ وثلاثين سنة، في أشدِّ قوته، وتمام عافيته، وفورة شبابه؛ حينها؛ تغيَّر عمر بن عبد العزيز، وخلعَ حياته الأولى، وبدأ فصلاً جديداً مِن عُمُرِه.
لقد شعر رحمه الله، بثقل المسؤولية التي ألقيت على عاتقه، وعِظم المهمة التي سيحاسب عليها يوم القيامة، لم يكن يرى منصبه الرفيع، فرصةً لجمع المال، ونهب الثروات، ومَلء الأرصدة، واستغلال النفوذ.
كان يرى المنصب والجاه تكليفاً لا تشريفا، ومغرماً لا مغنما.
ولذلك تغير عمر بن عبد العزيز، وجعل تقوى الله -عز وجل-، ومراقبته والخوف من حسابه وعقابه، نصبَ عينيه من أول لحظة وَلِيَ فيها الخلافة.
روى أبو نعيم وغيره: أن عمر بن عبد العزيز لما دفن سليمان بن عبد الملك وخرج من المقبرة؛ سمع للأرض هدَّةً أو رجَّة، فقال: ما هذه؟ قيل: هذه مراكب الخلافة يا أمير المؤمنين قربت إليك لتركبها، فقال: مالي ولها، نحوها عني وقربوا إلى بغلتي، فقربت إليه بغلته فركبها، فجاءه صاحب الشُّرَطِ يسير بين يديه بالحربة، فقال: تنح عني! إنما أنا رجل من المسلمين.
فسار والناس معه حتى دخل المسجد، فصعد المنبر، فقال: "يا أيها الناس: إني قدِ ابتُليت بهذا الأمر، من غير رأيٍّ كان مني فيه، ولا طِلْبةٍ له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم".
فصاح المسلمون صيحةً واحدة: "قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضينا بك، فتولَّ أمرنا باليُمن والبركة" فلما رأى الأصوات قد هدأت ورضي به الناس جميعا؛ حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخطبهم فأوصاهم بتقوى الله، وذكرهم بالموت والآخرة، ثم قال:" يا أيها الناس من أطاع الله فقد وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم".
ثم أمر مناديَه أن ينادي: "ألا من كانت له مظلمة فليرفعها" فتوافد أصحاب المظالم يطالبون بحقوقهم، وهو يجيبهم، وينصفهم.
هكذا بدأت خلافة عمرَ بنِ عبد العزيز، دون احتفالات ولا مراسم ولا تتويج.
لقد بدأت بالعدل والإصلاح وإنصاف المظلومين.
وكان من أعظم التحديات التي واجهت عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: أنه نظر إلى بيت مال المسلمين، فوجد كثيراً من خلفاءِ وأمراء بني أمية، قد استقطعوا لأنفسهم وحاشيتهم وأحبابهم؛ صِلَاتٍ وأعطيات ومخصصات، يأخذونها بغير حق.
فبدأ عمر -رحمه الله- بمحاربة ذلك الفساد المالي المتراكم، وبدأ بنفسه وأهل بيته، فقام على المنبر فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد: فإن هؤلاء قد أعطونا عطايا، ما كان ينبغي لنا أن نأخذها، وما كان ينبغي لهم أن يعطونا إيها، وإني قد بدأت بنفسي وأهل بيتي".
ثم قال لمولاه مزاحم: "اقرأ" فجعل مزاحم يقرأ سجلات العطايا، وعمر بن عبد العزيز يأخذ تلك السجلات والصكوك، ويقطعها بيده واحدة واحدة.
ودخل على زوجته فاطمة بنت عبد الملك، وكانت عندها جواهرُ نفيسة أعطاها إياها والدها من بيت المال، فقال عمر بن العزيز: "اختارِ إما أن تردي حُليَّكِ إلى بيت المال، وإما تأذني لي فأفارقكِ، فإني أكره أن أكون أنا وأنت وهو في بيت واحد".
قالت: "بل أختارك يا أمير المؤمنين عليه، وعلى أضعافه" فأمر به فحمل، حتى وضع في بيت مال المسلمين.
وبعد ذلك –يا عباد الله- انقلب عمر بن عبد العزيز إلى بني أمية، وهم أصحاب النفوذ والسلطة والجاه، فقطع كلَّ الصلات والأعطيات التي كانوا يأخذونها من بيت مال المسلمين، فاستشاط أمراء بني أمية غضبا، وأرسلوا إليه ابنه عبد الملك، فقالوا: أخبره أن من كان قبله من الأمراء كانوا يعطوننا أعطيات ويصلوننا بصلات، وأنه قد قطعها عنا فليردها علينا، فأبلغه بذلك، فقال: "ارجع إليهم فقل لهم: إن أبي يقول: (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الزمر: 13].
وأخذ عمر -رحمه الله- منهم الدور والأراضي التي استولوا عليها، فردها على أصحابها.
ولما طلبوا منه أن يوليهم المناصب الرفيعة، قال: هيهات هيهات! قالوا: لم يا عمر؟ أمالنا قرابة؟ أمالنا حق؟ قال: "ما أنتم وأقصى رجلٍ من المسلمين عندي في هذا الأمر إلا سواء!".
هكذا -أيها الإخوة الكرام-: لقد رفع عمر بن عبد العزيز شعار إمام المصلحين محمد -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها".
لو أن فاطمة، وهي بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- وحبيبته!.
لو أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة! أم الحسن والحسين! سيدا شباب أهل الجنة! بنت محمد! سيد ولد آدم! لو أنها سرقت "لقطعتُ يدها" يقسم على ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم
إنه الحق: الذي لا يتبع الأهواء والمصالح
والعدل: الذي لا يفرق بين الصغير والكبير، والعظيم والحقير، والغني والفقير
وعلى هذا سار الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، فأقام العدل دون مداهنة ولا مجاملة
وكان رحمه الله حريصا على إيصال الحقوق للمسلمين، ورفع الظلم عن المظلومين، يستشعر المسؤولية التي في عنقه، ويخاف عاقبتها يوم القيامة، وكيف لا يخاف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة".
وقال: "من ولي من أمر المسلمين شيئا فغشهم فهو في النار
تقول فاطمة بنت عبد الملك: "دخلت على عمر، فإذا هو في مصلاه، واضعاً رأسه على يديه، تسيل دموعه على خديه، يشهق الشهقة يكاد ينصدع قلبه لها، فما زال كذلك حتى أصبح، فقلت: يا أمير المؤمنين! ألشيء حدث؟! قال: "يا فاطمة، إني نظرت فوجدتُني قد وليت أمر هذه الأمة أسودها وأحمرها، ثم ذكرت الفقير الجائع، والغريب الضائع، والعاري المجهود، والأسير المقهور، وذا المال القليل والعيال الكثير، فعلمت أن الله سائلي عنهم، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجيجي فيهم، فخفت أن لا يقبل الله -تعالى- مني معذرة فيهم، ولا تقوم لي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة، فرحمت نفسي يا فاطمة".
ولما سكن خوفُ الله قلب عمر، خرجت منه الدنيا، فكان من أشد الناس زهدا وورعا
كان عطاؤه -أي راتبه- كل يوم درهمان، وربما اشتهى الشيء اليسير فلم يجد مالا
أرسل مرَّةً إلى زوجته: أعندكِ درهم اشتري به عنباً؟ قالت: لا، أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم! قال: "هذا أهون من نار جهنم
ودخل على بناته ذات ليلة، فوضعن أيديهن على أفواههن ثم أسرعن إلى الباب، فقال للحاضنة: ما شأنهن؟ فقالت: إنه لم يكن عندهن شيء يتعشينه إلا عدس وبصل، فكرهن أن تشم ذلك من أفواههن، فبكى عمر.
ثم قال لهن: "يا بناتي ما يَنْفَعُكُنَّ أن تَعَشَّيْن الألوان، ويؤمر بأبيكن إلى النار".
ولما بلغه أن ابناً له اتخذ خاتماً، واشترى لهذا الخاتم فصاً بألف درهم، كتب إليه عمر: "أما بعد: فقد بلغني أنك اشتريت فصَّاً بألف درهم، فبعه، وأشبع ألف جائع، واتخذ خاتماً من حديد، واكتب عليه: رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه".
لقد ضرب رحمه الله أروع أمثلة الزهد وأصدقها، فليس الزاهد من ترك مظاهر الدنيا، وصد عن زخرفها لفقره، وقلة ذات يده، إنما الزاهد حقا هو من يجري في يده المال، ثم يصرفه في طاعة الله، ويتخفف من حسابه ما استطاع، ولذلك قال مالك بن دينار: "الناس يقولون عني زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها".
أسأل الله -جل وعلا- أن يصلح قلوبنا، ويشرح للخير صدورنا.
لقد عاش عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- على تلك المبادئ التي أعلنها منذ أول يوم في خلافته، رفع راية العدل والإنصاف، ومحاربة الفساد، ونصرة المظلوم، وكف الظالم.
وبارك الله في خلافته فتغيرت أحوال الناس، وعم الرخاء وساد العدل.
قال عمر بن أسيد: "والله ما مات عمر بن عبد العزيز، حتى جعل الرجل يخرج بالمال العظيم، يطلب له مستحقا يبحث عن الفقراء فما يبرح حتى يرجع بالمال كله، وقد أغنى الله الناس بعمر".
هل تصدقون -أيها الإخوة-: أن هذا الإصلاح العظيم الذي عمَّ بلاد المسلمين؟ هل تصدقون أنه تم في خلافة عمر بن عبد العزيز، وكانت مدتها سنتين وخمسة أشهر وبضعة أيام فقط؟!.
إنه إنجاز يفوق كل التصورات البشرية، ويتجاوز جميع الحسابات الأرضية، لكنه توفيق الله -جل وعلا- الذي يبارك في الإصلاح الصادق الذي يبتغى به وجهه.
وهكذا استمرت حياة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، فلما حضره الأجل، ونزل به الموت، قيل له: تركت ولدك ليس لهم مال، ولم تؤوهم إلى أحد؟ فقال: "ما كنت لأعطيهم ما ليس لهم، وما كنت لآخذ منهم حقا هو لهم: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) [الأعراف: 196].
ثم قال رحمه الله: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله، ثم أخرج من كان عنده، فجلسوا عند بابه، فسمعوه يقول: مرحبا بهذه الوجوه ليست بوجوه إنس ولا جان، ثم تلا: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83].
وفاضت روحه رحمه الله.
أيها الإخوة الكرام: بعد هذه المواقف والنفحات؛ من سيرة عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-؛ أودُّ الوقوف مع درس عملي يخصنا نحن، ويخاطب كل واحد منا.
إن علينا -أيها الإخوة- أن نسعى لإقامة العدل وتحقيقه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وكل من له منصب أو ولاية أو صلاحيات في عمله، ولو كان مسؤولا عن عامل واحد، فليكن همه الإصلاح، والانتصاف للمظلوم، وتوفية الحقوق، وتحقيق العدل، ولو اصطدم بفسادٍ متراكم أو مظالم سابقة، أو تكتلات فاسدة.
لا بد أن نقيم العدل -أيها الإخوة- وننصر المظلوم: "ما من امرئ يخذل امرءاً مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك من حرمته إلا خذله الله -تعالى- في موطن يحب نصرته".
ولا بد أن نقيم العدل في بيوتنا، فيعدل الرجل مع امرأته، يوفيها حقوقها، ويكرم مكانها، ويحسن عشرتها، ولا يأخذ شيئا من مالها أو راتبها بغير حق، ويعدل مع أبنائه في النفقة والهبات والعطايا، وفي التقدير والاهتمام والرعاية.
بل يعدل حتى مع أعدائه، فلا يفجر في خصومة، ولا يبغي بغير حق: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة: 8].
وإذا أقام المرء حياته على العدل والصلاح والتقوى، وغرس ذلك في أهله وبنيه، فذلك خير ما يقدمه له ويورثهم إياه.
دخل مقاتل بن سليمان على الخليفة المنصور يوم بُويعَ بالخلافة، فقال له المنصور: عِظني يا مقاتل! فقال: أعظُك بما رأيت أم بما سمعت؟ قال: بما رأيت، قال: يا أمير المؤمنين! إن عمر بن عبد العزيز أنجب أحد عشر ولدا، وترك ثمانية عشر دينارا، كُفّنَ بخمسة دنانير، واشتُريَ له قبر بأربعة دنانير، وَوزّع الباقي على أبنائه.
وهشام بن عبد الملك أنجب أحد عشر ولدا، وكان نصيب كلّ منهم ألف ألف دينار.
والله يا أمير المؤمنين لقد رأيت في يوم واحد أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله! وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق!.
وقد سأل الناس عمر بن عبد العزيز وهو على فراش الموت: ماذا تركت لأبنائك يا عمر؟ قال: "تركت لهم تقوى الله، فإن كانوا صالحين فالله تعالى- يتولى الصالحين، وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله -تعالى-.
اللهم وفقنا لما تحب وترضى...
ألقاه الشيخ عبد الله بن صالح منكابو
بجده, المملكة العربية السعودية
في الجامع أبوبكر الصديق رضي الله عنه
Komentar
Posting Komentar