رفقاً أهلَ السنَّة بأهلِ السنَّة
الحمد
لله الذي ألَّف بين قلوب المؤمنين، ورغَّبهم في الاجتماع والائتلاف، وحذّهم من
التفرُّق والاختلاف، والصلاة والسلام على نبينا محمد وأصحابه
الذين وصفهم الله بأنَّهم أشداء على الكفَّار رُحماءُ بينهم، وعلى مَن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدِّين.أمَّا بعد:
فأهل
السنَّة والجماعة هم المتَّبعون لِما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه، ونسبتهم إلى سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم التي حثَّ على التمسُّك بها
بقوله: "فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تَمسَّكوا
بها وعضُّوا عليه بالنواجذ"، وحذَّر من مخالفتها بقوله: "وإيَّاكم
ومحدثات الأمور، فإنَّ كلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة"، وقوله: "
فمَن رغب عن سنَّتي فليس منِّي"
حصل
في هذا الزمان انشغال بعض أهل السنَّة ببعض تجريحاً وتحذيراً، وترتَّب على ذلك
التفرُّق والاختلاف والتهاجر، وكان اللائقُ بل المتعيَّن التواد والتراحم بينهم،
ووقوفهم صفًّا واحداً في وجه الكفار وأهل البدع والأهواء المخالفين لأهل السنَّة
والجماعة.
قال
الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر في كتابه رفقاً أهلَ السنَّة بأهلِ
السنَّة
يرجع ذلك إلى سببين:
أحدهما:
أنَّ من أهل السنَّة في هذا العصر من يكون شغلُه وعادته تتبُّع الأخطاء والبحث
عنها، سواء كانت في المؤلفات أو الأشرطة، ثم التحذير مِمَّن حصل منه شيءٌ من هذه
الأخطاء.
والثاني:
أنَّ من أهل السنَّة مَن إذا رأى أخطاء لأحد من أهل السنَّة كتب في الردِّ عليه،
ثم إنَّ المردودَ عليه يُقابل الردَّ بردٍّ، ثم يشتغل كلٌّ منهما بقراءة ما للآخر
من كتابات قديمة أو حديثة والسماع لِمَا كان له من أشرطة كذلك؛ لالتقاط الأخطاء
وتصيُّد المثالب، وقد يكون بعضُها من قبيل سبق اللسان.
وطريق
السلامة من هذه الفتن تكون بما يأتي:
أولاً:
فيما يتعلَّق بالتجريح والتحذير ينبغي مراعاة ما يلي:
1 ـ أن يتقي اللهَ مَن أشغل نفسَه بتجريح
العلماء وطلبة العلم والتحذير منهم، فينشغل بالبحث عن عيوبه للتخلُّص منها بدلاً
من الاشتغال بعيوب الآخرين
2 ـ أن يشغل نفسه بدلاً من التجريح والتحذير
بتحصيل العلم النافع، والجدِّ والاجتهاد فيه ليستفيد ويُفيد، وينتفع وينفع
ثانياً:
فيما يتعلَّق بالردِّ على مَن أخطأ، ينبغي مراعاة ما يلي:
1. أن
يكون الردُّ برفق ولين ورغبة شديدة في سلامة المخطئ من الخطأ، حيث يكون الخطأ
واضحاً جليًّا
2. إذا كان الخطأ الذي رد عليه فيه غير واضح، بل هو
من الأمور التي يحتمل أن يكون الرادُّ فيها مصيباً أو مخطئاً، فينبغي الرجوع إلى
رئاسة الإفتاء للفصل في ذلك، وأمَّا إذا كان الخطأ واضحاً، فعلى المردود عليه أن
يرجع عنه؛ فإنَّ الرجوعَ إلى الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل.
3. إذا حصل الردُّ من إنسان على آخر يكون قد أدَّى
ما عليه، فلا يشغل نفسَه بمتابعة المردود عليه،
بل يشتغل بالعلم الذي يعود عليه وعلى غيره بالنفع العظيم.
أسأل
الله للجميع التوفيق والسداد، وأن يُصلح ذات بينهم وأن يؤلِّف بين قلوبهم وأن
يهديهم سُبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور، إنَّه سميع مجيب.
Komentar
Posting Komentar