ضعف المسلمين.....
الدّهرُ ذو غِيَر،
والعَبد ذو ضَجَر، وما هو إلا قَضاءٌ وقدَر، فطوبى لمن أصابَته سرّاء فشَكر، وطوبى
لمن أصابَته ضَرّاء فصبر، وطوبى لمن أصَابته بلوَى فاعتَبر، (وَعَسى أَنْ
تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ
لَكُمْ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
إجوتي في الدين، ربنا
سبحانه يفعَلَ ما يشاء، ويسلّط مَن يشاء على من يَشاء إذا شاءَ، بما رَأَى من
الحكمة، وسبَق من الكَلِمة، إمّا عقوبةً ونِقمة وعذابًا، وإمّا تمحيصًا وابتلاء
واختبارًا، قال -جل في علاه-: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ
فَلَقَاتَلُوكُمْ) [النساء:90]،
أيها الإخوة
المسلمون: مآسي أمتنا كثيرة، وجراحاتها مؤلمة غائرة، ومعاناة المسلمين في تجدد
مستمر
وإن مما يأسف له
الخاطر ويألم له القلب أن يتكالب الأعداء على المسلمين ويتواطئوا على قتلهم
وتشريدهم واضطهادهم وظلمهم؛ وفي المسلمين من لا يعرف شيئاً عن هذه المآسي والأحداث
الدامية، أو لا يهتم بأمورهم وقضاياهم، ولعل العجب يزول إذا عرفنا أن أعداء
الإسلام والمسلمين نجحوا في تقطيع أوصالنا وتفريق كلمتنا وتشتيت اهتماماتنا حتى
أصبح البعض لا يفكر إلا في نفسه ولا يهتمّ إلا بأمر عيشه ورفاهيته، تاركاً كل هذه
المآسي والأحزان خلف ظهره، ولعلنا أيها الإخوة الكرام نسلط الضوء في هذه الخطبة
على جرح من جراح أمتنا القديمة المتجددة.
يقول سبحانه وتعالى: {ولا يزالون
يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}
ونستعرض من المآسي التي عانى منها شعب مسلم بورما
المسلم، واليمن وفيليسطين وسوريا وغيرها كثير. كيف تجددت حملات الإبادة والقتل من
جديد؟ وما واجبنا تجاه هذه القضية المقلقة من قضايا المسلمين؟
فغدت دماء المسلمين
أرخص شيء لديهم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً
أهون على لله من أن يراق دم امرئ مسلم)) وفي رواية (( لزوال الدنيا أهون على الله
من قتل رجل مسلم)) رواه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني. بالرغم من غلاء دم
المسلم فإن المجازر باتت تقام للمسلمين في كل مكان وأصبح الدم المسلم رخيصا لا
يقام لإراقته
وزن.
بل وصل الاستهتار إلى استعراضهم بتصويرهم ، وكأنهم بفيلم سينمائي
دموي، وهي بكل حسرة حقائق ووقائع من الميدان، فهم لا يملكون سوى الآهات والدموع،
وتناقل مقاطع وصور، دُبجت بتحذير للقلوب الضعيفة ألاّ تَرى أو تُشاهد، فكيف
بالضحايا؟! فآهٍ لآلامهم ومعاناتهم، آهٍ لمشاعرهم وأوجاعهم؟!
هاهم يقرءون في الصفحات، أحوال اللاجئين في الشتات، ولكن لا مجيب!
هاهم يرون في اليوتيوب فظائع، وجرائم من كل حدب وصوب، ولكن لا مجيب. إن المجيب! هو
وحده الرحيم القريب، هو الذي بيده تصاريف الأمور، إن المجيب هو الله ذو القوة
والجبروت الحي الذي لا يموت، هو الله القاهر الجبار الذي يسمع ويرى (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ
غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ
فِيهِ الأَبْصَارُ
دماء المسلمين بكل
أرض تراق رخيصة وتضيع هدرا
وبالعصبية العمياء تعدو ذئاب ما رعت لله قدرا
كأن لملة الكفار طرّا على الإسلام حيث أضاء ثأرا
وجرّأهم علينا أن رأونا سكوتا والشعوب تموت قهرا
وما حسبوا لأمتنا حسابا وهل سمعوا سوى التنديد زجرا
وصحيات الأرامل واليتامى تفتّتّ أكْبُدا وتُذيب صخرا
وليس لهم مغيثاً أو معيناً كأن الناس كل الناس سكرى
وبالعصبية العمياء تعدو ذئاب ما رعت لله قدرا
كأن لملة الكفار طرّا على الإسلام حيث أضاء ثأرا
وجرّأهم علينا أن رأونا سكوتا والشعوب تموت قهرا
وما حسبوا لأمتنا حسابا وهل سمعوا سوى التنديد زجرا
وصحيات الأرامل واليتامى تفتّتّ أكْبُدا وتُذيب صخرا
وليس لهم مغيثاً أو معيناً كأن الناس كل الناس سكرى
فإلى متى نبقي ننتظر المزيد من التمزق في بلاد المسلمين؟ إلى متى
يا أمة الإسلام ؟
أخي في
الله، الحمد لله القائل في محكم كتابه العزيز: {وَلِلَّهِ
الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: 8]، والقائل
سبحانه: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا
وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: 139]. أحمده
سبحانه حمد الذاكر الشاكر لآلائه. وأشهد أن لا إله إلا الله جعل العزة لمن أطاعه
والذلة لمن عصاه، والصلاة والسلام على أشرف نبيه، وعلى آله وأصحابه وأوليائه الذين
أنعم الله عليهم بهذا الدين العظيم، فاعترفوا بولائه وسعوا في نشره وإعلاء بنائه
ورفع لوائه. أما بعد:
أيها
المؤمنون: لا يخفى على أحد من الناس اليوم ما يعيشه المسلمون من ذلة ومهانة, وما
يحيط بهم من ظروف صعبة وأحوال مريرة, تتمثل في كيد من الأعداء, وتسلطهم على بلاد
المسلمين إن المسلمين اليوم يمرون بفترة من أحلك فترات تاريخهم، وذلك أنهم انحدروا
من القوة إلى الضعف، ومن القيادة والريادة إلى التبعية والهوان.
إن من أسباب ضعف الأمة
ضعف الإيمان في قلوبنا.
إن الإيمان لما ضعف في قلوبنا، قل
الدافع للعمل لهذه الأمة والنهوض بها، فضعف الإيمان يبعث الانهزامية في قلب صاحبه،
ولهذا فضعاف الإيمان انهزموا عندما رأوا عدوهم في قوة ومنعة، وهم في ضعف وذل وجبن.
ومن الأسباب: إضاعة الصلوات واتباع الشهوات.
أيها المسلمون: إن المساجد تشكوا من
قلة المصلين فيها، فالناس اليوم إلا من رحم الله ضيعوا الصلوات واتبعوا الشهوات.
فضعفت الأمة بسبب هذا التضييع للصلوات: فالصلاة هي عمود الدين، ولا يمكن لهذا
الدين أن يقوم بغير هذا العمود، وكذلك لا يمكن لهذه الأمة أن تنتصر وتكون قوية
بغير هذا الدين.
ومن الأسباب: عدم
الإعداد للعدو،
فالمسلمون اليوم في أضعف ما يكون إعداداً، بل لم يخطر على بال كثير من المسلمين أن
يقوموا بالإعداد لمواجهة العدو والاستعداد للقائه، وهذا ما جعل العدو يعد العدة
والقوة فصار قوياً والمسلمون لا زالوا ضفعاء ولا يزالون كذلك إلا أن يأخذوا بأسباب
النصر والتمكين.
فإن
أعداء الإسلام لا يتركون السعودية لأنها مصدر الإسلام وقبلتهم، ولا فليسطين وهي
أرض مقدسة، ولا بلاد الشام لأنها أرض ذات فضائل، ولا إندونيسا لأنها أكثر الدول
الإسلامية سكانا. إنهم حاولوا أن يأخذوا هذا البلد العظيم بأيديهم. ومن الأسف أهم
المدن وهي عاصمة إندونيسا جاكرتا حكم عليها الكافر النصرني، وهناك غيره من الكفار
حاول أن يكون رئيس الدولة. فسعوا في سبيله واجتهدوا فيه وناصرهم غيرهم من إخوانهم
الكفار وأنصارهم المنافقين. واللهِ، الكفار اجتمعوا على نصر دينهم، ألم تروا أن
البتكي النصرني المعروف "روهوت سيتومبول" وضع ولاءه لأخيه النصرني
الصيني "أهوك"؟ تأملوا كيف تغير موقفه، هو من حزب ديموكرات وكان من أشد
الناس ولاء لهذا الحزب، لمذا لا يؤيد المرشح من ديمكرات؟ الجواب لأنه مسلم ولو كان
من حزبه. هذا من جهة سياسية، هناك من جهة إعلامية، أكثر الوسائل الإعلامية في
إندونيسيا يملكها الكفار، ومن جهة إقتصدية، أكثر الشركات والمصانع التي تحكم على
الإقتصادية للكفار وغيرها من الحهات كثيرة . إن الكفار إذا حكموا على البلد إما
أجبروا المسلمين على الدخول في دينهم وإما أخرجواهم من بلادهم وإما قتلوهم.
فاستعدوا أيها المسلمون وأعدوا ماستطعتم من قوة.
ولا تنسوا أن تدعوا الله السلامة والعافية، فالدعاء سلاح
المؤمن الصادق في إيمانه، لكنه يحتاج من يجيد الرماية، ويحسن تسديد السهام، يحتاج
لاستمرار ومواصلة؛ وصبر وجلد؛ وعدم ملل.
ومن الأسباب: التفرق والاختلاف وعدم جمع الكلمة وعدم الاتحاد
والتعاون، فالمسلمون اليوم جماعات، وأحزابٌ متفرقة متناحرة، كل منها يريد
القضاء على الآخر، وهذا من مخططات الأعداء الذين نجحوا فيه أيما نجاح، والمسلمون
في نومهم العميق، وهذا مما جعل الأمة الإسلامية في هذا الحال التي هي عليه
اليوم؟!!.
أيها المسلمون:
اعلموا وتيقنوا أنّ كل ما يقضيه الله ويقدّره فيه
خيرٌ ومصلحة وحكمة، ولو كان ظاهره شرًا، يقول الله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي
بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ
اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ أنه ما يحُلّ بمسلمي بورما وسوريا
واليمن وفليسطين من أحداث مأساوية، فلا يشكّ المؤمن أن وراء ذلك خيرا عظيمًا
وحِكمًا بالغةً، {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.
اللهم انصر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم انصر أمة محمد، اللهم
انصر أمة محمد. اللهم أخرجهم من الظلمات إلى النور, اللهم احفظ المسلمين في كل
مكان، اللهم، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين.
المصادر
أخذت المصادر من بعض المواقع بالتصرف
Komentar
Posting Komentar